لايف ستايل

كارول أو كوكو مديرة مصنع حقائب نونيز Nuniz Cairo تروي كيف بدأت رحلتها


كارول أو كوكو مديرة مصنع حقائب نونيز Nuniz Cairo ، مدافعة ومقاتلة شديدة الصلابة ولكنها في غاية الرقة من الداخل. لم تجذبها المدرسة مطلقاً إلا أنها نجحت في تحقيق ذاتها.

لم تكن المدرسة تجذبني مطلقًا، لأني كنت سباحة والمصنفة الثالثة على مصر. كنت أستيقظ في الخامسة صباحًا وأذهب إلى دروس السباحة وأتناول فطوري في السيارة في طريقي إلى المدرسة، وكنت أتأخر دائمًا مما سبب لي مشاكل كثيرة. بعد المدرسة، كنت أتوجه إلى دروس اللياقة البدنية وأنام في التاسعة مساء. لم يكن لدي وقت للدراسة، ولكن أعتقد أن هذا الروتين هو الذي أكسبني التفاني والمثابرة..

كيف بدأت كارول أو كوكو مديرة مصنع حقائب نونيز قصتها

ولكن كل هذا تغير بعدما سافرنا في إجازة إلى سويسرا أثناء الثورة المصرية عام 2010 وقرار أمي بعدم عودتنا إلى مصر. التحقت أنا وأخي بالمدرسة في سويسرا، إلا أنه نظرًا لاختلاف نظام التعليم هناك اضطروا إلى تنزيلي 3 صفوف، لذلك التحقت بالصف التاسع مرة أخرى بدلاً من التحاقي بالصف الثاني عشر. لقد كانت مرحلة صعبة جدًا في حياتي، وفي أحد الأيام أثناء استراحة الغداء، سمعت طلابًا يقولون إنهم سيتقدمون للعمل في «ماكدونالدز». أعجبتني الفكرة وقررت أن أتقدم أنا أيضًا للعمل، وبالفعل حصلت على الوظيفة لأني أتقن اللغة العربية أيضًا كلغة إضافية. بدأت العمل كعاملة تنظيف حمامات، وهو أمر صعب للغاية جعلني أكثر تعاطفًا وبعد ذلك، انتقلت إلى العمل في قسم الخدمة وعندها قمت بتقديم الأوراق المطلوبة في المدرسة وتركت التعليم. واصلت العمل في «ماكدونالدز». وقتها أقنعني والدي بالحصول على شهادة تثبت أني تلقيت تعليمًا نوعًا ما. وعليه، سجلت في برنامج مبيعات تستمر الدراسة فيه لـ 3 سنوات. كنت أعمل في ذلك الوقت في المتجر الفاخر Olivier François Ausoni، ولكن فصلني مؤسسه عن العمل لعدم إيمانه بي، كما كان يرى أني لا أمتلك القدرة على العمل. وقال لوالدتي: «من الأفضل لها أن تعمل في «ماكدونالدز»، لأنها لن تنجح في أي شيء أبدًا». انتقلت بعد ذلك إلى العمل في متجر للمجوهرات الفاخرة.

 

وبعد أن أكملت دراستي بالبرنامج، عدت إلى مصر عام 2016 وعملت لدى وكالة إعلانات يملكها قريب للعائلة. وفي عام 2018، ساعدني والدي في الحصول على وظيفة في شركة استثمارية حيث التقيت مع سمير العلايلي الذي علمني كل شيء وكان محطة بارزة بمعنى الكلمة في رحلتي. وبدأت أجد نفسي شيئًا فشيئًا، وأصبحت أمام عالم جديد أخوض فيه تجربة التعلم. وكان سمير يؤمن بي، بل وكان حريصًا على أن يبرهن لي أن هويتي تتحدد من خلال خبراتي وليس تركي للتعليم. وعيّن لي مدرسًا للغة العربية والرياضيات لمساعدتي على التفوق في العمل، وكان شديد السخاء في نقل معرفته لي، حتى إنه ذكرني بمدى حبي للاستيقاظ مبكرًا، وهي العادة التي ما زلت مواظبة عليها حتى الآن.

 

وفي نهاية عام 2018، التقيت نادية الزرقاني، الشهيرة باسم «نونيز». وأصبحنا صديقتين رغم فارق السن بيننا. وفي يوم 13 نوفمبر 2021، غادرت الجونة متجهةً إلى القاهرة لألتقي بها بعدما وضعتني أمام الاختيار قائلةً: «إما أن تشاركيني في مصنع الحقائب أو سأضطر لإغلاقه». وفي هذه المرحلة، أدركت رغبتي في العمل لصالح نفسي وليس للآخرين. لذلك، تركت كل شيء ورائي وبدأت مرحلة جديدة، حيث لم يكن لدي أية خبرة في مجال الموضة. لقد كانت علاقة العمل بيني وبين نادية مثيرة للاهتمام، فهي مبدعة وأنا لست كذلك، أنا لي توجهات تجارية، وهي ليست كذلك. فكل منا تكمل الأخرى في الأساس. نقلت لي شغفها وهوسها بالحقائب بسلاسة، ما ساعدني في رؤية ما تنطوي عليه هذه العلامة من إمكانات، وفهم الاتجاه الذي يجب أن تسلكه. وكان شقيقاها عمر وعثمان مرشدين لي طوال هذه الرحلة، وكانت لهما توجهات تجارية إلى حد كبير، ويتمتعان بعقلية هائلة، وهما أيضًا شريكان حاليان بالشركة.

 

أول خطوة قمت بها أني استأجرت مبنى من 3 طوابق، وحولته إلى مصنع؛ طابق به الورشة، وطابق آخر للمخزن والمواد الخام، والطابق الأخير للموظفين. وقد ساعد ذلك في التواصل بين الجميع على نحو أفضل، علاوة على سهولة الوصول إلى الأشياء وتحسين سير العمل. وخلال فترة عملي في «نونيز» كشريكة إدارية، بدأت أرى كيف أسهمت تجارب الحياة في تشكيل شخصيتي حتى أصبحت ما أنا عليه اليوم. تعلمت من «ماكدونالدز» العمل الجماعي، واحترام الجميع بغض النظر عن مناصبهم، كما تعلمت كيفية إدارة سير العمل والموظفين. تعلمت أن أتأمل ذاتي وأختار نمط القائد الذي أريد أن أكون عليه، والذي كان واضحًا بالنسبة لي وهو القائد المتواضع، والعملي، والمعلم الذي ساعدني كثيرا، سمير العلايلي.

 

تتمثل أهدافي وتطلعاتي المستقبلية في الوصول بمشروعي إلى العالمية من خلال تثقيف الناس عن البراعة الحرفية المصرية المتميزة، واتخاذ المخاطرة عبر استغلال الفرص التي تلوح لنا في الأفق. نعمل حاليًا على افتتاح متجرنا الرئيسي في مصر، والتوسع في دول مجلس التعاون الخليجي. وعندما أعود بالزمن للوراء وأتأمل رحلتي، لم يعد يعتريني شعور بالخجل لعدم حصولي على شهادة حيث أدركت أن قصتي تحمل تجربة قد يتعلم منها الناس أو تساعد آخرين على تجاوز التحديات التي يواجهونها. وفي العام الماضي، وقفت أمام متجر Olivier François Ausoni وتحدثت إلى نادية وجهًا لوجه وقلت لها: «يومًا ما، سيتصل بي هذا الرجل ليطلب عرض حقائبنا في متجره، وسأذكره كيف دفعتني كلماته للاجتهاد والمضي قدمًا في الحياة».

 

نشر الموضوع للمرة الأولى في عدد شهر أبريل 2024 من المجلة 



اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى